أحدث الأخبارمقالات

بعنوان: “سيناريو الوضع الاقتصادي الصهيوني”

بقلم الأسير: منذر خلف مفلح

المشروع الصهيوني بطبيعته الاستعمارية، قام كفكرةٍ استعمارية بدعم من القوى الاستعمارية “بريطانيا وفرنسا” من أجل بقاء المشروع الاستعماري والذي أحد أوجهه نهب ثروات الشعوب، واستغلال مواردها إلى جانب الطبيعة الاستيطانية الإحلالية الإجلائية للصهيونية كجزء من مشروع الاستعمار، ولهذا تقوم الحلقة المركزية في أي صراع مع أية قوة استعمارية حول تحويل هذا المشروع لمشروعٍ خاسر لا يستطيع تأمين الموارد اللازمة والجاذبية للمستوطنين والمهاجرين.

ولقد أشار نابليون إلى ذلك مُكثفاً بمقولة “المال ثم المال ثم المزيد من المال” للتحريض وللترويج لمغامراته العسكرية والاستعمارية.. وبذات النهج لم يختلف المشروع الصهيوني في فلسطين عن هذه الطبيعة الاستغلالية، والتي تُعتبر النقطة الأساس لتقييم نجاح أي مشروع استعماري، فقد قامت الحركة الصهيونية بالترويج لمشروعها الاستعماري عبر مفهوم “المعجزة الزراعية” والتي بحد زعمها استطاعت أن تُحوّل الصحراء لمزارع، وتدّر عليها الأرباح اللازمة ثم رَوجّت للمعجزة الاقتصادية والقائمة اليوم على أساس اعتبار دولة الكيان أمة الذكاء والتصنيع التقني (High- Tech Nation)

وهذا في بعض جوانبه صحيح، فدولة الكيان دولة مستقرة اقتصادياً، ودخل الفرد فيها مرتفع، والوضع المعيشي جيد وهي من الكيانات القليلة التي لم تتأثر بالوضع الاقتصادي العالم، وتعتبر أحد مراكز الاستثمار الجاذبة للاستثمارات والشركات الدولية، رغم أنها كيان يفترض أنه يخوض صراع مع السكان الأصلانيين، والمحيط.

إلا أن اللحظة الراهنة مفتوحة على سيناريوهات تُعتبر المردود على هذا الاقتصاد، وهذا الكيان الذي يمكن أن يصبح خاسراً اقتصادياً، وغير مدر للربح للمستوطنين أنفسهم، وجماعاتهم المختلفة، والدول والشركات الداعمة لهذا المشروع. كل ذلك على وقع الخلاف الدائر في داخل الكيان حول إعادة ترسيم الدولة، والتعديلات القضائية التي ستقيد الحريات العامة بما فيها حرية رأسمال المستثمرين. كل ذلك تؤيده عديد من المؤشرات:

1. انخفاض الاستثمار في الهايتك، وخروج العاملين في هذا القطاع للاحتجاج على التعديلات القضائية، وربما التهديد بتصعيد الاجتماع.

2. تحذير مؤسسة (Standard & Poor’s) S&P للتأمين والضمان، من إمكانية تخفيض التقدير الاستثماري والائتماني لدولة الكيان على وقع الخلافات الداخلية.

3. تقارير إعلامية تتحدث عن أن طفل من كل خمسة في الكيان يعانون من الفقر.

4. ارتفاع مستوى الأسعار بشكلٍ غير مسبوق، وبتأثير من أزمة التضخم العالمي، والتي حاول نتنياهو مواجهتها من أجل تخفيف الاحتقان ببعض الدعم والإصلاحات دون جدوى.

5. أزمة السكن وارتفاع الأسعار بشكلٍ جنوني، واندماج هذا القطاع كما غيره بعمل العصابات الإجرامية. وبالتالي وجود أزمة في الاستثمار العقاري.

6. خروج عدد من محافظي البنك المركزي في الكيان عن صمتهم والتحذير من النتائج السلبية لخطة التعديل القضائي، والاحتجاجات على الاقتصاد الصهيوني.

لقد أشار محافظ البنك المركزي الصهيوني الحالي “مارون تسين” بعد أن شارك في اجتماعات لجنة صندوق النقد الدولي في دافوس إلى أن العالم الاقتصادي يتابع بقلق التطورات في دولة الكيان، واجتمع بشكلٍ عاجل مع نتنياهو خمس مرات في الأسبوع، وهو الذي خرج إلى العالم بخطابات يدعو فيه العالم للمزيد من الاستثمار في الكيان؛ وتحت وقع خطابات كافة السياسيين الصهاينة الذين يتحدثون عن حرب أهلية كان آخرها الرئيس الصهيوني “هيرتسوغ”، الذي أشار إلى أن “الوضع داخل الكيان هو برميل بارود قابل للانفجار”، وأضاف ” أن الوضع على حافة الانفجار بما يؤدي لصراعٍ داخلي”.

وعلى المقابل الآخر، فإن دولة الكيان تعاني من عزوف عن العمل اليدوي والأعمال المتدنية، مما يجعل جزء كبير من السوق الاقتصادي مرتهن للعمالة الفلسطينية، وخاصةً في قطاع البناء والحرف، والخدمات المساعدة في مجال الصحة. وكذلك التعليم، وغيرها من المهن المتدنية.

وبهذا فإنها تعاني أزمة مركبة. وهذا بحاجة لتحديد أولاً طبيعة الأزمة والتي تتمحور حول ما أُطلق عليه (يارون تسيين)، “انهيار السمعة المالية والاقتصادية للكيان، مما يهدد بانفضاض الاستثمارات، وتَحولّ الكيان إلى:

1. أن يكون على أبواب أزمة اقتصادية تكون سبباً، أو نتيجة لحالة صراع قد ينفجر، ليجعله مشروع خاسر وغير مثمر استعمارياً مما يهدد من انفضاض الجماعات الاستيطانية من حوله والانسحاب من هذا المشروع الذي أفلس اخلاقياً وقيمياً، وفي طريق الافلاس الاقتصادي؟!

2. هذا سيؤدي إلى فكفكة الحلف ما بين الكيان ودول العالم الرأسمالي وبعض الكيانات الرأسمالية.

3. ضعضعة وضعف شرعية الكيان الشعبية والرسمية.

فإلى ماذا يدعونا هذا السيناريو السابق:

1. ما تقدم يؤسس لمُمَكنّات تحديد أولويات النضال، واتجاهات وأشكال النضال، وخاصةً الاقتصادي منها كجزء من تأسيس حالة مقاومة شعبية.

2. الدعوة لمقاطعة العمل في الكيان ومستوطناته وخاصةً في مجال البناء.

3. تعزيز العمل على تكريس نضالات حركة المقاطعة الدولية. كونها تعتبر الأمثل اليوم لمقاطعة الكيان، وتعزيز الشرخ بشرعيته، وتعميق أزمته الاقتصادية.

4. فضح التواطؤ العربي المُطبّع والذي يعتبر أحد أسس دعم هذا الكيان اقتصادياً، وخاصةً الامارات التي تستثمر بعشرات المليارات، بل وتشرعن لمؤسسات ودول أخرى للاستثمار في الكيان.

بقلم عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية، مسؤول الإعلام في فرع السجون، مدير مركز حنظلة للأسرى والمحررين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى