“أحباب من كل مكان” الروضة الإلكترونية الأولى … مبادرة تطوعية بجهود فردية

إذاعة صوت الشعب- خلود اللحام
المعلمة ختام أبو عوض من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، خريجة “تربية طفل”، تتولى مبادرة الروضة الإلكترونية “أحباب من كل مكان”، نجحت في جذب مئات الأطفال بفعل خبرةٍ اكتسبتها على مدار 10 سنوات خلال عملها في مجال رياض الأطفال وميولها نحو التعامل معهم.
تقول أبو عوض:” أطلقتُ مبادرة الروضة الإلكترونية على إثر إغلاق المؤسسات التعليمية قبل عامين؛ بفعل تفشي فيروس “كورونا”، وجرت الفكرة سريعًا؛ للمساهمة في تعديل سلوك استخدام الأطفال للشاشات الرقمية على فتراتٍ متواصلة خلال الجائحة دون جدوى”.
وتستكمل عرضتُ نية المبادرة على صفحتي الشخصية في منصة “الفيس بوك” ولاقت قبولًا كبيرًا وتشجيعًا من الكثيرين لا سيَّما الأهالي غير المقتدرين على توفير رسوم الالتحاق برياض الأطفال. ثم أنشأت حساب باسم “أحباب من كل مكان” وصل عدد المتابعين له إلى 5000 شخص خلال شهرين”.
وبنبرةٍ ملؤها السعادة على حُسن اختيار الاسم، تتابع أبو عوض قائلةً:” كان انتقائي للاسم موفقًا؛ فلم تقتصر الروضة على أطفال المنطقة التي أسكن فيها، بل جمعت من كافة محافظات قطاع غزة وحتى من خارجه، سواءً من الضفة الغربية أو دول: ليبيا والأردن والإمارات ومصر والجزائر وتركيا وألمانيا وبلجيكا وكندا وأستراليا”.
واتخذتْ من غرفتها الصغيرة مكانًا لعشرات الصفوف الإلكترونية ليصل صداها إلى مئات البيوت الفلسطينية في الداخل والخارج في بثٍ مباشر عبر تقنية الزوم، وتعمل يوميًا بدأب وفق منهاج رياض الأطفال المعتمد من قبل وزارة التربية والتعليم، من ساعات الصباح حتى المساء المتأخر، بتقسيم الأطفال إلى مجموعات، كل مجموعة(صف) تضم من(20-25) طفل بواقع يومين في الأسبوع.
وتوضح أبو عوض الحاصلة على 55 دورة في مجال رياض الأطفال، أنه ليس من السهل على معلمة ذات تخصص مختلف أن يكون لديها القدرة على استيعاب الأطفال وتدريسهم، وأنها نجحت ببراعة في تأسيس الأطفال تربويًا وتعليميًا واجتماعيًا وثقافيًا، ومتابعة كل طفل وصفحات الواجبات والأنشطة المرسلة.
وتبين قائلةُ:” المبادرة لا تعتمد على التلقين، بل تستخدم استراتيجيات التعلم النشط عن طريق اللعب(امرح وتعلم)؛ لتفعيل الأطفال من خلال الاستعانة بمسرح الدمى ورواية القصص في الشرح، واستخدام التطبيقات التنشيطية، مؤكدةً على دور الأمهات القوي في ضمان الالتزام والمتابعة ومساعدة أبناءهن في تنفيذ الأنشطة والواجبات المطلوبة بعد كل حصة، وفي وصولها لهذه المرحلة”.
وتشير أبو عوض إلى أن الأطفال ينتظرون مواعيد الحصص بشغفٍ وتشوق، وحتى أنهم على استعداد أن يرسلوا في اليوم أكثر من نشاطين مقابل أن يتلقوا رسائل التحفيز الصوتي، وهو الأسلوب التي تتبعه لتعزيز سلوكيات الأطفال الإيجابية، لافتةً لحرصها على استضافة منشطين اجتماعيين، وأخصائيين نفسيين وتربويين عبر لقاءات مباشرة؛ للحديث مع الأمهات عن الإشكاليات اللاتي تواجههن مع أطفالهن.
وتتحدث:” انتهى العام الأول بتخريج 350 طفل على مستوى قطاع غزة و 50 من خارجه، وصممت على لقاء الأطفال وجاهيًا بتنفيذ 3 حفلات في 3 محافظات من القطاع، وقدمت شهادات التخرج وهدايا، واستعنت بمنشطين اجتماعيين لإضفاء البهجة والفرح على وجوههم. كما أنني أقوم خلال الفصول الدراسية بإيصال جوائز تحفيزية للمتفوقين إلى بيوتهم، دون أي مقابل مادي”.
وتواصل أبو عوض مبادرتها بإصرارٍ على العمل وبرغبةٍ قوية في مساعدة الأهالي الذين لا يستطيعوا توفير النفقات الشهرية للروضات؛ نظرًا للأوضاع الاقتصادية المتردية. منوهةً أنها بدأت مؤخرًا بطلب رسوم رمزية ما قيمته 10 شواكل في الشهر، دون أن تأخذ ببالها من لا يدفع.
واحتفلت بتخرج الفوج الثالث(فوج الشهيد أمير أبو ريا) في(12/ كانون الثاني/ 2023)، بالتعاون مع جمعية نور المعرفة، شارك فيه 88 طفل من جميع محافظات قطاع غزة،.
ودائمًا ما تكون أبو عوض بحاجة معلمات لعونها في تدريس ومتابعة الملتحقين بالروضة، ولكنها لا تجد من تعمل معها بشكل تطوعي، وتواصلت مرارًا وتكرارًا مع مؤسساتٍ تُعنى بالأطفال داخل القطاع وخارجه، لكنّ جميعها تحجج بأعذارٍ ذات علاقة بالممول وبالبرامج الخاصة التي تنفذها تلك، مؤكدةً على أن بدعم واحدةٍ منهم ستصبح الروضة عالمية. كما تواجه معوقات تتعلق بشبكة الإنترنت وانقطاع التيار الكهربائي لساعاتٍ طويلة.
وبنبرة الإصرار، تقول :” لن أفكر في التراجع أو التوقف عن “أحباب من كل مكان”، وسأبقى مستمرة بفكرتي المختلفة عن الجميع، مشيرةً إلى سعادتها بتفاعل الأهالي وتشجيعهم لها في هذه المبادرة، مبديةً فخرها في أنها ساهمت بتعديل سلوك الأطفال مع الأجهزة اللوحية، وأصبحوا يستخدمونها لمساعدتهم في حفظ السور القرآنية والأحاديث النبوية، والأناشيد مقابل التحفيز الصوتي”.